قال الله تعالى : (( و الأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها و مرعاها و الجبال أرساها متاعاً لكم و لأنعامكم )) سورة النازعات من آية 30-33
من الطبيعي أن يهتم الإنسان بالأرض التي يعيش عليها أكثر من اهتمامه بالكواكب و المجموعات الشمسية الفلكية الأخرى ، و من الطبيعي أن تكون دراسة الأرض أسهل علينا من دراسة الأجرام السماوية البعيدة عنا ، و لهذا فإن المعلومات عن تركيب الأرض و بنيتها قد ازدادت في السنوات الأخيرة بشكل لم يسبق له مثيل ..
· شكل الأرض و مقاييسها
مع تقدم العلم الحديث استطاع الإنسان الحزم بأن الأرض شبه كروية الشكل ، إذ هي منبسطة قليلاً عند قطبيها ، و نصف قطرها الاستوائي يساوي 6378 كيلومتر ، بينما يعادل شعاعها القطبي 6357 كيلومتر ، فيكون هكذا نصف قطرها الاستوائي أطول بـ 21 كيلو متر من نصف قطرها القطبي ، كما أن انبساط الأرض في القطب الجنوبي أكثر منه في القطب الشمالي .
و بالاستعانة بقانون الجاذبية يمكن أن نحسب وزن الأرض ، فنجد أنه يعادل 6000000000000000000000000كجم ، و إذا قسمنا وزن الأرض على حجمها نحصل على كثافة متوسطة للأرض و قدرها 5.5كجم / سم3
· ماذا عن الأرض
تكونت الأرض منذ أكثر من أربعة آلاف مليون سنة و كانت حامية جداً ، و يعتقد أنها ابتدأت ككتلة هائلة من اليابسة ، و منذ حوالي مائتي مليون سنة انقسمت هذه الكتلة من اليابسة ببطء إلى قطعتين . ثم انقسمت القطعتان تدريجياً فتكونت منهما القارات الستة المعروفة اليوم , و عبر ملايين السنين تغير سطح الأرض كثيراً و لا يزال يتغير . فظهرت سلاسل الجبال و الأنهار و الصحارى و غير ذلك من المعالم الجغرافية .
و التغيرات في باطن الأرض قليلة بالمقارنة مع التغيرات في سطحها ، و المسافة من سطح الأرض إلى مركزها تبلغ نحو 6400 كيلومتر تقريباً . و هناك عدة طبقات مختلفة التركيب بين السطح و المركز . و تعرف الطبقة الخارجية بالقشرة و هي مؤلفة من صخور تكون القارات و قاع المحيطات ، و تبلغ سماكة هذه القشرة ما بين 5 و 32 كيلومتر ، و هي أشد ثخانة تحت الجبال .
و تتألف القشرة نفسها من طبقتين متميزتين ، تدعى الخارجية منها سيال أو القشرة السطحية ، و تتألف من صخور صلبة قليلة الكثافة كالغرانيت ، و تحت السيال و في مناطق أشد حرارة توجد طبقة من مواد صخرية اكثف تدعى السيما أو الصهارة ، و من هذه المادة تتألف الصخور على سطح الأرض ..
أما الطبقة تحت القشرة فهي الدثار ( أو الطبقة المغلفة ) و تبلغ سماكتها نحو 2900 كيلومتر و تمتد حتى نصف المسافة بين مركز الأرض ، و صخر الدثار أكثف من السيال و السيما فوقها و أشد حرارة و مادتها مائعة و قابلة للتشكل ، و يتألف جوف الأرض المسمى اللب من جزء داخلي معدني صلب تلفه طبقة سائلة تتألف غالبيتها من الحديد و النيكل ، و تبلغ سماكة اللب نحو 3500 كيلومتر .
و تحدث الهزات الأرضية ( الزلازل ) بفعل تحركات أو اهتزازات متسلسلة في قشرة الأرض أو في طبقة الدثار تسبب ارتجاف سطح الأرض و تحركه و تدعى الاهتزازات أمواجاً صدمية أو أمواجاً زلزالية . و هذه التموجات يمكن كشفها و تسجيلها بالسيسموغراف ( مرسمة الزلزال ) ، و هكذا تعرف طبيعة الزلزال و قوته .
و الهزات الأرضية في العصر الحاضر أقل عنفاً و شدة من الهزات قديمأ .
و تحدث البراكين نتيجة لشقوق أو صدوع في سطح الكرة الأرضية تنبثـق منها الصهارة الصخرية عبر قشرة الأرض ، و عندما تقذف هذه الصهارة من بركان تدعى حمماً بركانية أو لابة . و تحوي هذه الحمم رماداً حاراً و قطع صخرية و بخار ، و توجد البراكين عادة في المناطق التي تكثر الزلازل فيها و تكون جبالاً أحياناً ، و البراكين مثل الزلازل لها علاقة بتحركات طبقة الدثار الغلافية ، و من أعظم التفجيرات البركانية و أشدها ثوران بركاني حصل في جزيرة [ كراكاتووا ] قرب سومطرة عام 1883م ، فقد احدث هذا الانفجار موجة مدٍ تأثرت بها المحيطات في جميع أنحاء العالم .
و يجدر بالذكر أن أكثر مناطق العالم تعرضاً للزلازل و البراكين هي حول حوض المحيط الهادي و في وسط المحيط الأطلسي ، و في مناطق جبال الألب و القوقاز و الهملايا .