mr.hicham
عدد الرسائل : 1111 العمر : 33 الهواية : علم دولتي : تاريخ التسجيل : 14/04/2008
| موضوع: حياه الشاعره نازك الملائكه واجمل قصادهاء الإثنين أغسطس 11, 2008 3:26 pm | |
|
السلام عليكم هذه مجموعه قصايد من اجمل ماكتبته الشاعره الكبيره نازك الملائكه ولدت الشاعرة نازك الملائكة في بغداد عام 1923م ، ونشأت في بيت علمٍ وأدب ، في رعاية أمها الشاعرة سلمى عبد الرزاق ، تجيد من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ، بالإضافة إلى اللغة العربية ، وتحمل شهادة الليسانس باللغة العربية من كلية التربية ببغداد ، والماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكونس أميركا . مثّلت العراق في مؤتمر الأدباء العرب المنعقد في بغداد عام 1965 .
َفيمَ نخشَى الكلماتْ وهي أحياناً أكُُفٌّ من ورودِ بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ وهي أحياناً كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ رشَفَتْها، ذاتَ صيفٍ، شَفةٌ في عَطَشِ
قصيده من انا الليلُ يسألُ مَن أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولففتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون ؟
الريحُ تسألُ مَنْ أنا
أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنَى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإذا فضاءْ !
والدهرُ يسألُ مَنْ أنا
أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ
وأعودُ أمنحُها النشورْ
أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ
من فتنةِ الأملِ الرغيدْ
وأعودُ أدفنُهُ أنا
لأصوغَ لي أمساً جديدْ
غَدُهُ جليد
والذاتُ تسألُ مَنْ أنا
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام
لا شيءَ يمنحُني السلامْ
أبقى أسائلُ والجوابْ
سيظَلّ يحجُبُه سرابْ
وأظلّ أحسبُهُ دَنَا
فإذا وصلتُ إليه ذابْ قصيده عاشقه الليل ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّـــي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليـلِ في الوادي الكئيبِ
* * *
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شهد الوادي سُـــرَاها
أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــا
ومَضتْ تستقبلُ الوادي بألحــانِ أساهــا
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّـي شَفَتاهــا
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهــا
* * *
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نَهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ
* * *
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ
هوَ ذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنِّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّـي
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
* * *
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسمـاءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء
* * *
طيفُكِ الساري شحـوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّـه الليلُ العـريضُ
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ
فارجِعي لا تَسْألي البَرْقَ فما يدري الوميضُ
* * *
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُـولِ ؟
ما الذي ساقكِ طيفاً حالِماً تحتَ النخيـلِ ؟
مُسْنَدَ الرأسِ إلى الكفَينِ في الظلِّ الظليـلِ
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميـلِ
* * *
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ
ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ قصيده في وادي الحياه عد بِي يا زورقي الكَلِيـلا فَلَنْ نَرَى الشاطيءَ الجَمِيـلا
عُدْ بِي إلى مَعْبـَدِي فـإنّي سَئِمْتُ يَا زَوْرَقِـي الرَّحِيـلا
وضِقْتُ بالموجِ أيَّ ضِيـقٍ وما شَفَى البحـرُ لي غَلِيـلا
إلامَ يا زورقي المُـعَنَّـى نَرْجُو إلى الشَّاطِيءِ الوُصُولا؟
والمَوْجُ مِنْ حَولنـا جِبَـالٌ سَدَّتْ عَلى خَطْوِنَا السَّبِيـلا
والأُفـقُ مِنْ حَولنا غُيُـومٌ لا نَجْمَ فِيه لَنَـا دَلِيـلا
كَمْ زَورقٍ قبلَنـا تَوَلَّـى وَلَمْ يَزَلْ سَـادِراً جَهـُولا
فَعُـدْ إلى معبدي بقلـبي وَحَسْـبُ أيامنـا ذُهـولا
* * *
حسبُكَ يا زورقـي مَسيراً لن يُخْدَعَ القلبُ بالسَّـرابِ
وارجِعْ، كما جِئْتَ ، غيرَ دَارٍ قد حَلُكَ الجـوُّ بالسَّحَـابِ
وَمـَلَّ مجدافُـكَ الـمُعَنَّى تَقَلُّـبَ المـوجِ والعُبَـابِ
ولم يَزَلْ معبـدي بعيـداً خَلْفَ الدياجيـرِ والضَّبَـابِ
يَشُوقُني الصَّمْتُ في حِمَـاهُ وَفِتْنَـةُ الأَيْـكِ والرَّوَابـي
عُدْ بيَ يـا زورقـي إليـهِ قَدْ حَانَ ، يا زورقي ، إِيَابِـي
مَا كَفْكَفَ البَحْرُ من دُمُوعِي ولا جَـلا عَنّـيَ اكْتِئَابـي
فَفِيمَ في مَوْجِهِ اضطرابـي؟ وأينَ ، يا زورقي ، رِغَابِـي؟
* * *
تَائِهـَةٌ ، والحيـاةُ بحـرٌ شَاطِـئُهُ مُبْعِـدٌ سَحِيـقُ
تَائِهـَةٌ والظـلامُ دَاجٍ والصَّمْتُ تحتَ الدُّجَى عَمِيقُ
يَا زورقي آهِ لَـوْ رَجَعْنَـا مِنْ قَبْل أَنْ يَخْـبُوَ البَرِيـقُ
انْظُرْ حَوَالَيْكَ ، أَيُّ نَـوْءٍ تَجْمَدُ مِنْ هَوْلِـهِ العُـرُوقُ
البحرُ ، يا زَورقِي جُنُـونٌ ومـوجُـهُ ثَائِـرٌ دَفُـوقُ
وَكُـلّ يَوْمٍ لـَهُ صَرِيـعٌ في هَجْعَـةِ الموتِ لا يُفِيـقُ
وَأَنْتَ في الموجِ والدياجِي يا زورقـي في غَـدٍ غَرِيـقُ
فَعُدْ إلى الأمْسِ ، عُدْ إليهِ قـد شَاقَني أَمْسِيَ الوَرِيـقُ
* * *
مَاذَا وَرَاءَ الحياةِ ؟ مَـاذَا ؟ أَيُّ غُمـُوضٍ ؟ وَأَيُّ سِـرِّ
وَفِيمَ جِئْنَا ؟ وَكَيْفَ نَمْضِي؟ يـا زورقي ، بَلْ لأَيِّ بَحْـرِ
يَدْفَعُكَ الموجُ كُـلَّ يَـوْمٍ أَيْـنَ تُـرَى آخِـرُ المَقَـرِّ
يا زورقي طَالَ بي ذُهُـولي وَأَغْرَقَ الوَهْـمُ جَوَّ عُمْرِي
أَسْرِي كَمَا تَرْسُمُ المقادِيرُ لي إلى حَيْـثُ لَسْـتُ أدْرِي
شَرِيدَةٌ في دُجَـى حَيَاتِـي سَـادِرَةٌ في غُمُوضِ دَهْـرِي
فَخَافِـقٌ شَاعِـرٌ ، وَرُوحٌ قَـالَ لـها الدَّهْرُ لا تَقَـرِّي
وَنَاطَهَـا بِالذُّرَى تُغَـنِّـي وَتَنْظِمُ الكَوْنَ بَيْـتَ قصيده غرباء نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا?
يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ
غُربَاءْ
اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيـرِ
كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعـوري
دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا
وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى
أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري
إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,
غُربَاءْ
مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ
كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ
مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ
خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي
خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ
أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ
غُربَاءْ
أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا تُبْصرُ ? عينانا ذبـولٌ وبـرودٌ
أوَلا تسمعُ ? قلبانا انطفاءٌ وخُمـودُ
صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ
غُربَاءْ
نحن من جاء بنا اليومَ ? ومن أين بدأنـا ?
لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين .. فدَعنـا
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا
بعضُ حـبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا
قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا قصيده الخيط المشدود في شجرة السرو -1-
في سوادِ الشارعِ المُظلم والصمتِ الأصمِّ
حيثُ لا لونَ سوى لونِ الدياجي المدلهمِّ
حيثُ يُرخي شجرُ الدُفلى أساهُ
فوقَ وجهِ الأرضِ ظلاَّ ،
قصةٌ حدّثني صوتٌ بها ثم اضمحلا
وتلاشتْ في الدَّياجي شفتاهُ
-2-
قصةُ الحبّ الذي يحسبه قلبكَ ماتا
وهو ما زالَ انفجاراً وحياةَ
وغداً يعصرُكَ الشوقُ إليَّا
وتناديني فتَعْيَـى ،
تَضغَظُ الذكرى على صَدركَ عِبئا
من جنونٍ ، ثم لا تلمُسُ شيئا
أيُّ شيءٍ ، حُلمٌ لفظٌ رقيقُ
أيُّ شيءٍ ، ويناديكَ الطريقُ
فتفيقُ .
ويراكَ الليلُ في الدَّرْبِ وحيداً
تسألُ الأمسَ البعيدا
أنْ يعودا
ويراكَ الشارعُ الحالِمُ والدُفْلى ، تسيرُ
لونُ عينيكَ انفعالٌ وحبورُ
وعلى وجهك حبٌّ وشعورُ
كلّ ما في عمقِ أعماقِكَ مرسومٌ هناكْ
وأنا نفسي أراكْ
من مكاني الداكن الساجي البعيدْ
وأرى الحُلْمَ السَّعيدْ
خلفَ عينيكَ يُناديني كسيرا
..... وترى البيتَ أخيرا
بيتنا ، حيثُ التقينا
عندما كانَ هوانا ذلك الطفلَ الغَرِيرا
لونُهُ في شفتَينا
وارتعاشاتُ صِباهُ في يَدَيْنَـا
-3-
وترى البيتَ فتبقى لحظةً دونَ حِراكْ :
" ها هو البيتُ كما كان ، هناك
لم يزلْ تَحجبُهُ الدُفْلَى ويَحنو
فوقَهُ النَّارنجُ والسروُ الأغنُّ
وهنا مجلسنا ...
ماذا أُحسُّ ؟
حيرةٌ في عُمق أعماقي ، وهمسُ
ونذيرٌ يتحدَّى حُلمَ قلبي
ربما كانت .. ولكن فِيمَ رُعْبِي؟
هي ما زالتْ على عَهد ِهَوَانا
هي ما زالتْ حَنانا
وستلقاني تحاياها كما كنا قديما
وستلقاني ... " .
وتمشي مطمئناً هادئاً
في الممرِّ المظلم الساكن ، تمشي هازئا
بِهتافِ الهاجسِ المنذر بالوَهْم الكذوبِ :
" ها أنا عُدت وقد فارقتُ أكداسَ ذنوبي
ها أنا ألمحُ عينيكِ تُطِلُّ
ربما كنتِ وراءَ البابِ ، أو يُخفيكِ ظلُّ
ها أنا عُدتُ، وهذا السلَّمُ
هو ذا البابُ العميقُ اللونِ ، ما لي أُحجمُ ؟
لحظةً ثم أراها
لحظةً ثم أعي وَقْعَ خُطاها
ليكن.. فلأطرقِ البابَ ... "
وتمضي لَحَظَاتْ
ويَصِرُّ البابُ في صوتٍ كئيبِ النبراتْ
وتَرى في ظُلمةِ الدهليزِ وجهاً شاحبا
جامداً يعكسُ ظلاً غاربا :
" هلْ .. ؟ " ويخبو صوتُكَ المبحوحُ في نَبْرٍ حزينْ
لا تقولي إنها... "
" يا للجنونْ !
أيها الحالِمُ ، عَمَّن تسألُ ؟
إنها ماتتْ "
وتمضي لحظتانْ
أنت ما زلتَ كأنْ لم تسمعِ الصوتَ المثُيرْ
جامداً ، تَرْمُقُ أطرافَ المكانْ
شارداً ، طرفُك مشدودٌ إلى خيطٍ صغيرْ
شُدَّ في السرْوة لا تدري متى ؟
ولماذا ؟ فهو ما كانَ هناك
منذُ شهرينِ ، وكادتْ شفتاكْ
تسألُ الأختَ عن الخيطِ الصغيرْ
ولماذا علَّقوهُ ؟ ومتى ؟
ويرنُّ الصوتُ في سمعكَ : " ماتت.."
"إنها ماتتْ.." وترنو في برودِ
فترَى الخيطَ حِبالاً من جليدِ
عقدتها أذرُعٌ غابت ووارتها المَنُونْ
منذ آلافِ القُرونْ
وتَرى الوجهَ الحزينْ
ضخَّمتْهُ سحُبُ الرُّعب على عينيكَ . "ماتت.."
-4-
هي " ماتتْ " لفظةٌ من دونِ معنى
وصَدى مطرقةٍ جوفاءَ يعلو ثم يَفْنَى
ليسَ يعنيكَ تَواليه الرتيبُ
كلّ ما تُبصرُهُ الآنَ هو الخيطُ العجيبُ
أتراها هي شَدَّتهُ ؟ ويعلو
ذلك الصوتُ المُملُّ
صوتُ " ماتتْ " داوياً لا يضمحلُّ
يملأُ الليلَ صُراخاً ودويّا
" إنَّها ماتت " صدى يهمسهُ الصوتُ مليّا
وهُتافٌ رددتُه الظلماتُ
ورَوَتْهُ شجراتُ السروِ في صوتٍ عميقِ
" أنّها ماتت " وهذا ما تقولُ العاصفاتُ
" إنّها ماتتْ " صَدىً يصرخُ في النجمِ السحيقِ
وتكادُ الآنَ أنْ تسمعهُ خلفَ العروقِ
-5-
صوتُ ماتتْ رنَّ في كلِّ مكانِ
هذه المطرقةُ الجوفاءُ في سَمع الزمانِ
صوتُ " ماتت " خانقٌ كالأفعوانِ
كلُّ حرفٍ عصبٌ يلهثُ في صدركَ رُعبا
ورؤى مشنقةٍ حمراء لا تملكُ قلبا
وتَجَنِّي مِخلبٍ مختلجٍ ينهش نَهشا
وصدى صوتٍ جحيميٍّ أجَشَّا
هذه المطرقةُ الجوفاءُ : " ماتت "
هي ماتتْ ، وخلا العالَمُ منها
وسُدَىً ما تسألُ الظلمةَ عنها
وسُدَىً تُصغي إلى وقعِ خطاها
وسُدَىً تبحثُ عنها في القمر
وسُدَىً تَحْلمُ يوماً أن تراها
في مكانٍ غير أقباءِ الذِّكَرْ
إنَّها غابت وراء الأنْجُمِ
واستحالتْ ومضةً من حُلُمِ
-6-
ثم ها أنت هنا، دونَ حراكْ
مُتعَبَـاً ، تُوشِكُ أن تنهارَ في أرض الممرِّ
طرفُكَ الحائرُ مشدودٌ هناكْ
عند خيطٍ شُدَّ في السَّرْوَةِ، يطوي ألف سِرِّ
ذلك الخيطُ الغريبْ
ذلك اللغزُ المُريبْ
إنَّـه كلُّ بقايا حبِّكَ الذاوي الكئيبْ .
-7-
ويَراكَ الليلُ تَمشي عائدا
في يديك الخيطُ ، والرعشةُ ، والعِرْقُ المُدَوِّي
" إنَّها ماتتْ .. " وتمضي شاردا
عابثاً بالخيط تطويهِ وتَلوي
حول إبْهامِكَ أُخراهُ ، فلا شيء سواهُ ،
كلُّ ما أبقى لك الحبُّ العميقُ
هو هذا الخيطُ واللفظُ الصفيقُ
لفظُ " ماتتْ " وانطوى كلُّ هتافٍ ما عداه
اتمناه نالت رضاكم اخوكم عاشق ايطاليا | |
|